خطبه 064-در علم الهى - شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن میثم بحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

خطبه 064-در علم الهى

و من خطبه له عليه السلام:

اقول:

المثاور:

المواثب. و الداخر:

الذليل، آده الامر:

اثقله. و ذرء:

خلق. و المبرم:

المحكم. و قد اشتملت هذه الخطبه على مباحث لطيفه من العلم الالهى ايضا لا يطلع عليها الا المتبحرون فيه. الاول:

الذى لم يسبق. الى قوله:

باطنا. اقول:

انه لما ثبت ان السبق و المقارنه و القبليه و البعديه امور تلحق الزمان لذاته و تلحق الزمانيات به، و ثبت انه تعالى منزه عن الزمان اذ كان من لوا حق الحركه المتاخره عن وجود الجسم المتاخر عن وجود الله سبحانه كما علم ذلك فى موضعه لاجرم لم تلحق ذاته المقدسه و مالها من صفات الكمال و نعوت الجلال شى ء من لوا حق الزمان. فلم يجز اذن ان يقال مثلا كونه عالما قبل كونه قادر و سابقا عليه، و كونه قادرا قبل كونه عالما، و لاكونه اولا للعالم قبل كونه آخرا له قبليه و سبقا زمانيا. بقى ان يقال:

ان القبليه و البعديه قد تطلق بمعان اخر كالقبليه بالشرف و الفضيله و الذات و العليه، و قد بينا فى الخطبه الاولى ان كل ما يلحق ذاته المقدسه من الصفات فاعتبارات ذهنيه تحدثها العقول عند مقايسته الى مخلوقاته، و شى ء من تلك الاعتبارات لا تتفاوت ايضا بالقبليه و البعديه باحد المعانى المذ
كوره بالنظر الى ذاته المقدسه فلا يقال مثلا هو المستحق لهذا الاعتبار قبل هذا الاعتبار او بعده و الا لكان كمال ذاته قابلا للزياده و النقصان، بل استحقاقه بالنظر الى ذاته لما يصح ان يعبر لها استحقاق واحد لجميعها دائما فلا حال يفرض الا و هو يستحق فيه ان يعتبر له الاوليه و الاخريه معا استحقاقا اوليا ذاتيا لا على وجه الترتب و ان تفاوت الاعتبارات بالنظر الى اعتبارنا، و هذا بخلاف غيره من الامور الزمانيه فان الجوهر مثلا يصدق عليه كونه اولا من العرض و لا يصدق عليه مع ذلك انه آخر له حتى لو فرضنا عدم جميع الاعراض و بقاء الجوهر بعدها لم يكن استحقاقه للاعتبارين معا بل استحقاقه لاعتبار الاوليه متقدم اذ كانت بعض احواله سابقه على بعض، و لا استحقاقه لهما لذاته بل بحسب بقاء اسبابه. و لا العرض لما صدق عليه انه بعد الجوهر يصدق عليه انه قبله باعتبار ما و خلاف المختلفين فى اى الصفات اقدم مبنى على سوء تصورهم لصانعهم سبحانه و تعالى عما يقولون علوا كبيرا. اذا عرفت ذلك فنقول:

اوليته هو اعتبار كونه مبدء لكل موجود، و آخريته هو كونه غايه لكل ممكن، و قد سبق معنى كونه ظاهرا و باطنا فى الخطبه التى اولها:

الحمدلله الذى بطن خفيات الامور. الثا
نى:

كل مسمى بالوحده غيره قليل. مقصود هذه الكلمه انه تعالى لا يوصف بالقله و ان كان واحدا، و تقرير ذلك ان الواحد يقال بمعان و المشهور منها المتعارف بين الخق كون الشى ء مبدء الكثره يكون عادا لها و مكيالا و هو الذى تحلقه القله و الكثره الاضافيتان فان كل واحد بهذا هو قليل بالنسبه الى الكثره التى يصلح ان يكون مبدءا لها و المتصور لاكثر اهل العالم صدق هذا الاعتبار على الله بل ربما لا يتصور بعضهم كونه تعالى واحدا الا بهذا الوجه، و لما كان تعالى منزها عن الوصف بالقله و الكثره لما يستلزمانه من الحاجه و النقصان اللازمين لطبيعه الامكان اثبت القله لكل ما سواه فاستلزم اثباتها لغيره فى معرض المدح له و نفيهما عنه. و استلزم ذلك تنزيهه تعالى عن الواحديه بالمعنى المذكور. اذ سلب اللازم يستلزم سلب ملزومه، و ليس اذا بطل كونه واحدا بهذا المعنى بطل كونه واحدا. فانا بينا صدق الواحد عليه بمعان اخر فى الخطبه الاولى، و قد يفهم من هذا انه لما نفى عنه القله استلزم ذلك ان يثبت له الكثره، و هو من سوء الفهم و قله العلم فان عدم القله انما يستلزم ثبوت الكثره عند تعاقبها على محل من شانه قبولهما. و ربما قيل:

ان المراد بالقليل هنا الحقير، و هو غير
مناسب لذكر الوحده و انما قال عليه السلام:

كل مسمى بالوحده، و لم يقل كل واحد ليشعر بان قول الوحده على واحديته تعالى و على واحديه غيره قول بحسب اشتراك الاسم. الثالث:

و كل عزيز غيره ذليل. اقول:

رسم العزيز بانه الخطير الذى يقل وجود مثله و تشتد الحاجه اليه و يصعب الوصول اليه. ثم فى كل واحد من هذه القيود الثلاثه كمال و نقصان فالكمال فى قله الوجود ان يرجع الى واحد و يستحيل ان يوجد مثله و ليس ذلك الا الله سبحانه، و الكمال فى النفاسه و شده الحاجه ان يحتاج كل شى ء فى كل شى ء، و ليس ذلك على الكمال الا الله تعالى، و الكمال فى صعوبه المنال ان لا يوصل الى حقيقته على معنى الاحاطه بها، و ليس ذلك على كمال الا الله تعالى فهنو اذن العزيز المطلق الذى كل موجود سواه ففى ذل الحاجه اليه و حقاره العبوديه بالنسبه الى كمال عزه. فاما العزيز من الخلق فهو الذى توجد له تلك الاعتبارات لكن لا مطلقا بل بقياسه الى من هو دونه فى الاعتبارات المذكوره فهو اذن و ان صدق عليه انه عزيز بذلك الاعتبار الا انه فى ذل الحاجه الى من هو اعلى رتبه منه و اكمل فى تلك الاعتبارات، و كذلك من هو اعلى منه الى ان ينتهى الى العزيز المطلق الذى لا يلحقه ذل باعتبار ما.

فلذلك اثبت عليه السلام الذل لكل عزيز سواه. الرابع:

و كل قوى غيره ضعيف. القوه تعود الى تمام القدره، و يقابلها الضعف، و لما كان استناد جميع الموجودات الى تمام قدرته علمت انه لا اتم من قدرته فكل قوه وصف بها غيره فبالنسبه الى ضعف يقابلها لمن هو دونه و اذا قيس بالنسبه الى من هو فوقه كان ضعيفا بالنسبه اليه، و كذلك من هو فوقه الى ان ينتهى الى تمام قدره الله فهو القوى الذى لا يلحقه ضعف بالقياس الى احد غيره و كذلك قوله:

و كل مالك غيره مملوك. فان معنى المالك يعود الى القادر على الشى ء الذى تنفذ مشيته فيه باستحقاق دون غيره، و غيره باذنه. و لما ثبت ان كل موجود سواه فهو فى تصريف قدرته و مشيته اذ هما مستند وجوده ثبت انه هو المالك المطلق الذى لست له مملوكيه بالقياس الى شى ء آخر و ان كل ما سواه فهو مملوك له و ان صدق عليه بالعرف انه مالك بالقياس الى هو دونه. ثم لا يخفى عليك مما سلف ان قول القوى و المالك عليه و على غيره قول بحسب اشتراك الاسم ايضا. الخامس:

و كل عالم غيره متعلم. لما ثبت ان علمه تعالى بالاشياء على مامر من التفصيل انما هو لذاته، و لم يكن شى ء منه بمستفاد من امر آخر، و كان علم من سواه انما هو مستفاد بالتعلم من ا
لغير ثم الغير. من الغير الى ان ينتهى الى علمه تعالى الفايض بالخيرات لاجرم كان كل عالم سواه متعلما و ان سمى عالما بحصول العلم له، و كان هو العالم المطلق الذى لاحاجه به فى تحصيل العلم الى امر آخر. السادس:

و كل قادر غيره يقدر و يعجز. اقول:

قدره الله تعالى تعود الى اعتبار كونه مصدرا لاثاره. فاما قدره الغير فقد يراد بها فوه جسمانيه منبثه فى الاعضاء محركه لها نحو الافاعيل الاختياريه. و العجز ما يقابل القدره بهذا المعنى و هو عدمها عما من شانه ان يقدر كما فى حق الواحد منا، و قد يراد بهما اعتباران آخران يتقابلان. اذا عرفت ذلك فنقول:

القادر المطلق على كل تقدير هو مستند كل مخترع و موجود اختراعا ينفرد به و يستغنى فيه عن معاونه غيره و ذلك انما يتحقق فى حق الله سبحانه فاما كل منسوب الى القدره و سواه فهو و ان كان بالجمله ذا قدره الا انها ناقصه لتناولها بعض الممكنات فقط و قصورها عن البعض الاخر و عدم تناولها له اذا كانت لا تصلح للمخترعات و ان نسب اليه ايجاد شى ء فلانه فاعل اقرب و واسطه بين القادر الاول سبحانه و بين ذلك الاثر لالذاته استقالا و تفردا به على ما علم فى مظانه. فكل قادر سواه فلذاته يستحق العجز و عدم القدره بالنسبه
الى ما يمكن تعلق قدرته به من سائر المخترعات و الممكنات و انما يستحق القدره من وجوده. فهو اذن الفاعل المطلق الذى لا يعجزه شى ء و لا يستعصى على قدرته شى ء. السابع:

و كل سميع غيره يصم عن لطيف الاصوات، و يصمه كبيرها، و يذهب عنه ما بعد منها. اقول:

حس السمع فى الحيوان عباره عن قوه تنفذ من الدماغ الى الاذن فى عصبه ثابته منه الى الصماخ مبسوطه عليه كجلد الطبل، و هذه العصبه آله هذه القوه. و الصوت هيئه تحصل فى الهواء عن تموجه بحركه شديده اما من قرع يحصل من اصطكاك جسمين صلبين فيضغط الهواء بينهما و ينفلت بشده، و اما من قلع شديد فيلج الهواء بين الجسمين المنفصلين الصلبين و يحصل عن السببين تموج الهواء على هيئه مستديره كما يفعل وقوع الحجر فى الماء فاذا انتهى ذلك التموج الى الهواء الذى فى الاذن تحرك ذلك الهواء الراكد حركه مخصوصه بهيئه مخصوصه فتنفعل العصبه المفروشه على الصماخ عن تلك الحركه و تدركها القوه السامعه هناك فهذا الادراك يسمى سماعا. اذا عرفت ذلك فاعلم ان ادراك هذه القوه للصوت يكون على قرب و بعد و حد من القوه و الضعف مخصوص فانه ان كان الصوت ضعيفا او بعيدا جدا لم يحصل بسببه تموج الهواء فلم يصل الى الصماخ فلم يحصل السما
ع و ذلك معنى قوله:

يصم عن لطيف الاصوات، و يذهب عليه ما بعد منها. فان قلت:

لم خصص اللطيف بالصم عنه و البعيد بالذهاب عليه. قلت:

يشبه ان يكون لان البعيد فى مظنه ان يسمع و انما يفوته بسبب عدم وصول الهواء الحامل له اليه، و اما الخفى فلما فلم يكن من شانه ان تدركه القوه السامعه اشبه عجزها عن ادراكه الصم فاستعير لفظه له، و اما ان كان الصوت فى غايه القوه و القرب فربما احدث الصم و ذلك لشده قرعه للصماخ و تفرق اتصال الروح الحامل لقوه السمع عنه بحيث يبطل استعدادها لتاديه القوه الى الصماخ و كل ذلك من نقصان الحيوان و ضعفه، و لما كان البارى تعالى منزها عن الجسميه و توابعها لاجرم كانت هذه اللواحق من الصمم عن لطيف الاصوات، و ذهاب بعيدها، و الصم من كبيرها مخصوصه بمن له تلك القوه المذكوره و السمع المخصوص فكل سامع غيره فهو كذلك. و استلزم ذلك معرض مدحه بتزيهه سبحانه عنها. و اذ ليس سميعا بالمعنى المذكور و قد نطق القرآن باثبات هذه الصفه له فهو سميع بمعنى انه لا يعزب عن ادراكه مسموع و ان خفى فيسمع السر و النجوى بل ما يسمع هو ادق و اخفى حمد الحامدين و دعاء الداعين، و ذلك هو السميع الذى لا يتطرق اليه الحدثان اذ لم يكن باله و آذان. ال
ثامن:

و كل بصير غيره يعمى عن خفى الالوان و لطيف الاجسام. اقول:

خفى الالوان مثلا كاللون فى الظلم، و اللطيف قد يكون بمعنى عديم اللون كما فى الهواء، و قد يكون بمعنى رقيق القوام كالجوهر الفرد عند المتكلمين، و كالذره، و اللطيف بالمعنيين غير مدرك الحيوان، و اطلق لفظ. العمى مجازا اذ كان عباره اما عن عدم البصر مطلقا او عن عدمه عما من شانه ان يبصره و لا واحد من هذين الاعتبارين بموجود للبصير غير الله فلم يكن عدم ادراكها عمى حقيقيا بل لكون العمى من اسباب عدم الرويه اطلق لفظه عليه اطلاقا لاسم السبب على المسبب، و هذا الحكم فى معرض مدحه ان يستلزم تنزيه بصره عن لا حق العمى و مظنته اذ كان سبحانه منزها عن معروض العمى و البصر و متعاليا عن ان يكون ادراكه بحدقه و اجفان و انطباع الصور و الالوان و ان كان يشاهد و يرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى. و اذ ليس بصيرا بالمعنى المذكور فهو البصير باعتبار انه مدرك لكمال صفات المبصرات، و ذلك الاعتبار اوضح و اجلى مما يفهم من ادراك البصر القاصر على ظواهر المرئيات. التاسع:

و كل ظاهر غيره باطن. اقول:

ظهور الاشياء هو انكشافها للحس او للعقل انكشافا بينا، و يقابله بطونها و هو خفاوها عن احدهما، و لم
ا ثبت انه تعالى منزه عن الجسميه و لو احقها علم كونه منزها عن ادراك الحواس، و لما قام البرهان على انه تعالى برى ء عن انحاء التراكيب الخارجيه و العقليه وجب تنزه ذاته المقدسه عن اطلاع العقول عليها فعلم من هذا الترتيب انه لا يشارك الاشياء فى معنى ظهورها و قد وصف نفسه بالظهور فيجب ان يكون ظهوره عباره عن انكشاف وجوده فى جزئيات آثاره كما قال تعالى (سنريهم آياتنا فى الافاق و فى انفسهم حتى يتبين لهم انه الحق) و ان كانت مشاهده الحق له على مراتب متفاوته و درجات متصاعده كما اشار اليه بعض مجردى السالكين:

ما راينا الله بعده. فلما ترقوا عن تلك المرتبه درجه من المشاهده و الحضور قالوا:

ما راينا شيئا الا و راينا الله فيه. فلما ترقوا قالوا:

ما راينا شيئا الا و راينا الله قبله. فلما ترقوا قالوا:

ما راينا شيئا سوى الله. و الاولى مرتبه الفكر و الاستدلال عليه، و الثانيه مرتبه الحدس، و الثالثه مرتبه المستدلين به لا عليه، و الرابعه مرتبه الفناء فى ساحل عزته و اعتبار الوحده المطلقه محذوفا عنها كل لاحق. و اذا عرفت معنى ظهوره علمت ان شيئا من الممكنات لا يكون له الظهور المذكور فانه و ان كان لبعض الاشياء فى عقل او حس الا انه ليس فى كل عق
ل و فى كل حس اذ كل مطلع على شى ء فالذى خفى عته اكثر مما اطلع عليه فكل ظاهر غيره فهو باطن بالقياس اليه و هو تعالى الظاهر لكل شى ء و فى كل شى ء لكونه مبدء كل شى ء و مرجع كل شئى. العاشر:

و كل باطن غيره فهو ظاهر (فهو غير ظاهر خ). و قد علمت معنى البطون للمكنات و ظهورها، و علمت ايضا مما سبق ان كونه باطنا يقال بمعنيين:

احدهما:

انه الذى خفى قدس ذاته عن اطلاع العقول عليه. و الثانى:

انه الذى بطن جميع الاشياء خبره و نفذ فيها علمه. ثم علمت الظهور المقابل للمعنى الاول، و اما المقابل للثانى فهو الذى لم يطلع الا على ظواهر الاشياء لم يكن له اطلاع على بواطنها يقال فلان ظاهر و ظاهرى. اذا عرفت ذلك فنقول:

ان كل باطن غيره سوا كان المراد بالبطون خفاء المتصور او نفوذ العلم فى البواطن. فهو ظاهر بالقياس اليه تعالى ظهورا بالمعنى الذى يقابله. اما الاول فلان كل ممكن و ان خفى على بعض العالمين لم يخف على غيره و ان خفى على الكل فهو ظاهر فى علمه تعالى و ممكن الظهور فى علم غيره فليس اذن بخفى مطلقا و هو تعالى الباطن الذى لا ابطن منه و كل باطن غيره فهو ظاهر بالقياس اليه. و اما الثانى فلان كل عالم و ان جل قدره فلا احاطه له ببعض المعلومات و هو
قاصر عن بعضها، و بعضها غير ممكن له و تعالى الذى لا يعزب عن علمه مثقال ذره فى الارض و لا فى السماء و لا اصغر من ذلك و لا اكبر و كل ظاهر بالقياس اليه، و فى بعض النسخ و كل ظاهر غيره غير باطن و كل باطن غيره غير ظاهر، و معنى القضيتين ان كل ممكن ان كان ظاهرا منكشفا لعقل او حس لم يوصف مع ذلك بانه باطن كالشمس مثلا و ان كان باطنا خفيا عن العقل و الحس لم يوصف مع ذلك بانه ظاهر، و هو تعالى الموصوف بانه الباطن الظاهر معا. و فى هذه النسخه نظر. فانا انما اثبتنا كونه تعالى ظاهرا و باطنا معا باعتبارين و فى بعض الممكنات ما هو كذلك كالزمان مثلا فان كل عاقل يعلم بالضروره وجود الزمان و ان خفيت حقيقته على جمهور الحكماء و اصطربت عليه اقوال العماء و كذلك العلم فليس اذن كل ظاهر غيره غير باطن و لا كل باطن غيره غير ظاهر. و الله اعلم. الحادى عشر:

لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان. الى قوله:

منافر. اقول:

انه تعالى لا يفعل لغرض و متى كان كذلك كان منزها عن خصوصيات هذه الاغراض. اما الاول فبرهانه انه لو فعل لغرض لكان وجود ذلك الغرض و عدمه بالنسبه اليه تعالى اما ان يكونا على سواء، او ليس. و الاول باطل و الا لكان حصول الغرض له ترجيحا من غير مرجح،
و الثانى باطل لانهما اذ الم يستويا كان حصول الغرض اولى به فحينئذ يكون حصول ذلك الغرض معبترا فى كماله فيكون بدونه ناقصا تعالى الله عن ذلك. لا يقال:

ليست اولويه الغرض بالنسبه الى ذاته بل بالنسبه الى العبد اذ غرضه الاحسان الى الغير. لانا نقول:

غرض احسانه الى الغير و عدمه ان كانا بالنسبه اليه على سواء عاد حديث الرجحان بلا مرجح، و ان كان احدهما اولى به عاد حديث الكمال و النقصان. و اذا عرفت انه تعالى لا يفعل لغرض، و كل ما ذكره عليه السلام فى هذا الفصل من تشديد سلطان و تقويته او تخوف عاقبه زمان او استعانه على ند و شريك و ضد اغراض علمت صدق قوله:

انه لم يخلق شيئا من خلقه لشى ء من هذه الامور. و هذا تنزيه من طريق نفى الغرض المطلق. و اما تنزيهه تعالى عن خصوصيات هذه الاغراض فلان تشديد السلطان انما يحتاج اليه ذو النقصان فى ملكه، و لما كان تعالى هو الغنى المطلق فى كل شى ء عن كل شى ء صدق ان ذلك بغرض له مما خلق، و اما التخوف عن عواقب الزمان فلان التضرر و الانتفاع و لواحقهما من الخوف و الرجاء و نحوهما انما هى من لواحق الممكنات القابله للنقصان و الكمال و ما هو فى معرض التغير و الزوال، و لما ثبت تنزيهه تعالى عن الانفعال عن شى ء
لم يتصور ان يكون احد هذه الامور غرضا له، و لذلك الاستعانه على الندو الضد و الشريك فان الاستعانه هى طلب العون من الغير و ذلك من لوازم الضعف و العجز و الخوف و انه لاعجز فلا استعانه فلاند و لا شريك و لا ضد، و كذلك نقول:

لا ند و لا شريك و لا ضد فلا استعانه و الغرض تنزيهه سبحانه عن صفات المخلوقين و خواص المحدثين. و قوله:

و لكن خلايق مربوبون و عباد داخرون. اى بل خلايق خلقهم بمحض جوده و هو فيضان الخير عنه على كل قابل بقدر ما يقبله من غير بخل و لا منع و تعويق، و بذلك الاعتبار كان كل شى ء و كل عبد ذليل و هو مالكه و مولاه:

و قوله:

لم يحلل فى الاشياء فيقال هو فيها كائن. اشاره الى وصفه بسلب كونه ذا محل. و للناس فى تنزيهه تعالى عن المحل كلام طويل. و المعقول من الحلول عند الجمهور قيام موجود بموجود على سبيل التعبيه له، و ظاهر ان الحلول بهذا المعنى على الواجب الوجود محال لان كونه تبعا للغير يستلزم حاجته اليه و كل محتاج ممكن. قال افضل المتاخرين نصير الدين الطوسى- ابقاء الله-:

و الحق ان حلول الشى ء لا يتصور الا اذا كان الحال بحيث لا يتعين الا بتوسط المحل و اذ لا يمكن ان يتعين واجب الوجود بغيره فاذن يستحيل حلوله فى غيره. ا
ذا عرفت ذلك فنقول:

لما لكان الكون فى المحل و النائى عنه و المباينه له امورا انما يقال على ما يصح حلوله فيه و يحله و كان هو تعالى منزها عن الحلول وجب ان يمتنع عليه اطلاق هذه الامور. فاذ ليس هو بحال فى الاشياء فليس هو بكائن فيها، و اذ ليس بكائن فيها فليس بنائى عنها و لا مباين لها. و قوله:

لم يوده خلق ما ابتدء و لا تدبير ماذرء. الاعياء انما يقال لذى الاعضاء من الحيوان و اذ ليس تعالى بجسم و لاذى آله جسمانيه لم يلحقه بسبب فعله اعياء، و انما قال:

ما ابتدء. ليكون سلب الاعياء عنه ابلغ اذ ما ابتدء من الافعال يكون المشقه فيه اتم و تدبيره يعود الى تصريفه لجميع الذوات و الصفات دائما تصريفا كليا و جزئيا على وفق حكمته و عنايته، و نحوه قوله تعالى (او لم يروا ان الله الذى خلق السماوات و الارض و لم يعى بخلقهن). و قوله:

و لا وقف به عجز عما خلق. اشاره الى كمال قدرته و ان العجز عليه محال. و قد سبق بيانه. و قوله:

و لا ولجت عليه شبهه فيما قضى و قدر. اشاره الى كمال علمه و نفى الشبهه ان تعرض له. و اعلم ان الشبهه انما تدخل على العقل فى الامور المعقوله الصرفه غير الضروريه. و ذلك انك علمت ان الوهم لا يصدق حكمه الا فى المحسوسات ف
اما الامور المعقوله الصرفه فحكمه فيها كاذب فالعقل حال استفصاله وجه الحق فيها يكون معارضا بالاحكام الوهميه فاذا كان المطلوب غامضا فربما كان فى الاحكام الوهميه ما يشبه بعض اسباب المطلوب فتتصوره النفس بصورته و تعتقده مبدءا فينتج الباطل فى صوره المطلوب و ليس به، و لما كان البارى تعالى منزها عن القوى البدنيه و كان علمه لذاته لم يجز ان تعرض لقضائه و لا قدره شبهه، او يدخل عليه فيه شك لكونهما من عوارضيها. و قد عرفت معنى القضاء و القدر فيما سبق. و قوله:

بلا قضاء متقن و علم محكم. اى برى ء من فساد الشبهه و الغلط. و قوله:

و امر مبرم. اشاره الى قدره الذى هو تفصيل قضاءه المحكم، و ظاهر ان تفصيل المحكم لا يكون الا محكما:

و قوله:

المامول مع النقم المرهوب مع النعم (المرجو من النعم خ). اقول:

منبع هذين الوصفين هو كمال ذاته و عموم فيضه و انه لا غرض له و انما الجود المطلق و الهبه لكل ما يستحقه، و لما كان العبد حال حلول نقمته به قد يستعد بالاستغفار و الشكر لافاضه الغفران و رفع النقمه فيفيضها عليه مع بقاء كثير من نعمه لديه كان تعالى مظنه الامل و الفزع اليه فى رفع ما القى فيه و ابقاء ما ابقى حتى انه تعالى هو المفيض لصوره الام
ل، و اليه اشار بقوله تعالى (و اذا مسكم الضر فى البحر ضل من تدعون الا اياه) و كذلك حال افاضه نعمته لما كان العبد قد يستعد بالغفله للاعراض عن شكرها كان تعالى فى تلك الحال اهلا ان يفيض عليه بوادر نقمته بسلبها فكان هو المامول مع النقم المرهوب مع النعم فهو المستعان به عليه و هو الذى لا مفر منه الا اليه، و من عداه مخلوق نقمته غير مجامع لامل رحمته، و قيام نعمته معاند لشمول رهبته. فلا مامول و لا مرهوب فى كلا الحالين سواه. و بالله العصمه و التوفيق.

/ 542