خطبه 226-غسل و كفن كردن رسول خدا
اقول:روى عوض الانباء الانبياء، و هى الاخبار. و الشئون:مواصل قطع الراس المشعوب بعضها مع بعض، و ملتقاها. و العرب تقول:ان الدموع يجى ء منها. و قال ابن السكيت:الشانان:عرقان ينحدران من الراس الى الحاجين ثم الى العينين. و الكمد:الحزن المكتوم. و المحالف:الملازم. و البال. القلب. و قوله:بابى انت و امى يتعلق بمحذوف تقديره افديك. و انما قال له:لقد انقطع بموتك. الى قوله:السماء لانه صلى الله عليه و آله و سلم خاتم الانبياء، و اراد باخبار السماء الوحى، قال اهل التاويل:و لفظ السماء مستعار لما علا فى المعنى من سماء عالم الغيب و مقامات الملا الاعلى. و قوله:خصصت. الى قوله:سواء. اى خصصت فى مصيبتك من حيث انها مصيبه خاصه عظيمه لا يصاب الناس فى الحقيقه بمثلها فلذلك كانت مسليه لهم عن المصائب بمن سواك و عمتهم بمصيبتك حتى استووا فيها. و اضاف الخصوص و العموم اليه و ان كانا للمصيبه لكونها بسببه. و قوله:و لولا. الى قوله:و قلا لك. اشاره الى العذر فى ترك البكاء الكثير و مماطله الداء و ملازمه الحزن، و هو امره صلى الله عليه و آله و سلم بالصبر فى مواطن المكروه و النهى عن الجزع عند نزول الشدائد. و كنى عن كثره البكاء بانفاد ماء الشئون، و بالداء عن الم الحزن بفقده صلى الله عليه و آله و سلم و استعاره له لفظ المماطله كان الحزن و امله لثباته و تمكنه لا يكاد يفرق مع ان من عادته ان يفارق فهو كالمماطل بالمفارقه، و الضمير فى قوله:و قلا لك يعود الى انفاد ماء الشئون الذى ذل عليه انفدنا، و الى الكمد المخالف. و لما كان هو الداء المماطل اتى بضمير الاثنين، و يحتمل ان يعود الى الداء المماطل و الحزن الملازم ترجيحا للقرب، و الضمير فى قوله:و لكنه ما لا يملك. يعود الى الموت فى قوله:بموتك، و تقديره ولكن الموت الذى لاجله البكاء و الحزن ما لا يملك رده و لا يستطاع دفعه فلم يكن فى البكاء و الجزع فايده و كان لزوم الصبر اولى. ثم عاد الى التفديه و هى كلمه معتاده للعرب تقال لمن يعز عليهم. فان قلت:كيف تحسن التفديه هنا بعد الموت و هى غير ممكنه. قلت:انه لا يشترط فى اطلاقها فى عرفهم امكان الفديه. اذ ليس الغرض منها تحقيق الفديه بل تخييل الفديه و ايهامها للاسترقاق و تخييل المقول له انه عزيز فى نفس القائل الى غايه انه ارجح من ابيه و امه بحيث يفيده بهما، و ظاهر انها مما يعقل (انها مما يفعل خ) فى الطبع ميلا من المقول. ثم ساله ان يذكره عند ربه و ان يج
عله من باله. اذ هو السابق اليه مع كونه رئيس الخلق و مقدمهم فكان اولى من سئل ذلك منه، و اراد:اذكرنا عنده بما نحن عليه من طاعته. فهو كامير بعثه الملك الى اهل مدينه ليصلح حالهم و ينظمهم فى سلك طاعه الملك بالترهيب من وعيده و الترغيب فيما عنده من الكرامه فلابد ان يعلمه طاعه المطيع و عصيان العاصى اذا حان رجوعه الى خدمه الملك، احب عقلاوهم و اهل الطاعه منهم ان يذكر طاعتهم عند الملك بين يديه فيتقربون الى قلب اميرهم و يسالونه ان يجعلهم من باله:اى من مهماته. يقال:هذا من بال فلان:اى مما يباليه و يهتم به، و يحتمل ان يريد من مهمات بالك فحذف المضاف. و قبض صلى الله عليه و آله و سلم بعد الهجره بعشر سنين، و كان مولد عام الفيل، و بعث و هو ابن اربعين سنه بعد بنيان الكعبه، و هاجر الى المدينه و هو ابن ثلاث و خمسين سنه، و كان سنه يوم قبض ثلاث و ستين سنه، و يقال:انه ولد يوم الاثنين، و دخل المدينه يوم الاثنين، و قبض يوم الثنين، و دفن ليله الاربعا بحجره عايشه و فيها قبض، و تولى تغسيله على عليه السلام و العباس بن عبدالمطلب و ولده الفضل. و قد اشرنا الى ذلك فى كيفيه دفنه صلى الله عليه و آله و سلم فى قوله:و لقد علم المستحفظون، و بال
له التوفيق.