خطبه 179-در نكوهش يارانش
اقول:الخور:الضعف، و يحتمل ان يكون من الخوار و هو الصياح. و اجئتم:جذبتم، و دعيتم. و نكص:رجع على عقبه. و القالى:المبغض. و الطعام:او غاد الناس. و التريكه:بيضه النعام. و مجه:القاه من فيه. و قد حمد الله تعالى على ما قضى و قدر، و لما كان القضاء هو الحكم الالهى بما يكون قال:على ما قضى من الامر. لان الامر اعم ان يكون فعلا، و لما كان القدر هو تفصيل القضاء و ايجاد الاشياء على و فقه قال:و قدر من فعل. و قوله:و على ابتلائى بكم. تخصيص لبعض ما قضى و قدر. و قوله:اذا امرت. الى قوله:نكصتم. شرح لوجوه الابتلاء بهم، و حاصلها يعود الى مخالفتهم له فى جميع ما يريده منهم مما ينتظم به حالهم. و قوله:الى مشاقه. اى الى مشاقه عدو. و قوله:لا ابا لغيركم. دعاء بالذل لغيرهم، و فيه نوع تلطف لهم، و الاصل لا اب، و الالف مزيده اما لاستثقال توالى اربع حركات فاشبعوا الفتحه فانقلبت الفا او لانهم قصدوا الاضافه و اتوا باللام للتاكيد. ثم اقسم ان جاء يومه:اى وقت موته ليفرقن بينهم و بينه و هو تهديد لهم بفراقه و انشعاب امورهم بعده. و قوله:و لياتينى. حشوه لطيفه و اتى به موكده لان اتيان الموت امر محقق، و كانه رد بهاما يقتضيه ان من الشك فحسنت هذه الحشوه بعدها. ثم اخذ فى التضجر منهم، و اخبرهم انه لصحبتهم مبغض، و انه غير كثير بهم لان الكثره انما تراد للمنفعه فحيث لا منفعه فكانه لا كثره. و قوله:لله انتم. جمله اسميه فيها معنى التعجب من حالهم، و مثله لله ابوك و لله درك. ثم اخذ فى استفهامهم عما يدعون انه موجود فيهم، و هو الدين و الحميه و الانفه، و من شان الدين ان يجمع على انكار المنكر، و الحميه ان تشحذو تثير القوه الغضبيه لمقاومه العدو استفهاما على سبيل العيب و الانكار عليهم. و قوله:او ليس عجبا. الى قوله:و تختلفون على. استفهام لتقرير التعجب من حاله معهم فى تفرقهم عنه حتى عند الدعوه الى العطاء، و من حال معاويه مع قومه فى اجتماعهم عليه من غير معونه و لا عطاء. فان قلت:المشهور ان معاويه انما استجلب من استجلب من العرب بالاموال و الرغايب فلم قال:فيتبعونه على غير معونه و لا عطاء؟ قلت:ان معاويه لم يكن يعطى جنده على وجه المعونه و العطاء المتعارف بين الجند، و انما كان يعطى روساء القبائل من اليمين و الشام الاموال الجليله ليستعبدهم بها و اولئك الروساء يدعون اتباعهم من العرب فيطيعونهم. فصادق اذن انهم يتبعونه على غير معونه و عطاء،
و اما هو عليه السلام فانه كان يقسم بيوت الاموال بالسويه بين الاتباع و الروساء على وجه الرزق و العطاء، لايرى لشريف على مشروف فضلا، و كان اكثر من يقعد عن نصرته من الروساء لما يجدونه فى انفسهم من امر المساواه بينهم و بين الاتباع، و اذا احس الاتباع بذلك تخاذلوا ايضا متابعه لروسائهم. و المعونه هى ما يعطى للجند فى وقت الحاجه لترميم اسلحتهم و اصلاح دوابهم و هو خارج عن العطاء المفروض شهرا فشهرا، و استعار لهم لفظ التريكه، و وجه المشابهه انهم خلف الاسلام و بقيه اهله كالبيضه التى تتركها النعامه. و قوله:انه لايخرج. الى قوله:فترضونه. اى انه لايخرج اليكم من امرى امر من شانه ان يرضى به او يسخط منه فترضونه و تجتمعون عليه بل لابد لكم من التفرق و المخالفه على الحالين. ثم نبههم على سوء صنيعهم معه بان احب الاشياء اليه الموت. و قد لاحظ هذه الحال ابوالطيب فقال:كفى بك داءا ان ترى الموت شافيا و حسب المنايا ان تكون امانيا تمنيتها لما تمنيت ان ارى صديقا فاعيا او عدوا مداجيا و قوله:قد دارستكم الكتاب. الى قوله:مججتم. اشاره الى وجوه الامتنان عليهم و هى مدارستهم الكتاب:اى تعليمه، و مفاتحتهم الحجاج:اى مماراتهم و تعريفهم و
جوه الاحتجاج، و تعريفهم ما انكروه:اى الامور المجهوله لهم، و تسويغهم ما مجوه. و استعار وصف التسويغ اما لا عطائه لهم العطيات و الارزاق التى كانوا يحرمونها من يد غيره لو كان كمعاويه، و اما لادخاله العلوم فى افواه اذهانهم، و كذلك لفظ المج اما لحرمانهم من يد غيره او لعدم العلوم عن اذهانهم و نبو افهامهم عنها فكانهم القوها لعدم صلوحها للاساغه، و وجه الاستعارتين ظاهر. و قوله:لو كان الاعمى. الى قوله:يستيقظ. اشاره الى انهم جهال لايلحظون باعين بصائرهم ما افادهم من العلوم، و غافلون لايستيقظون من سنه غفلتهم بما ايقظهم به من المواعظ او غيرها، و لفظ الاعمى و النائم مستعاران، و القوم فى قوله:و اقرب بقوم. هم اهل الشام. و هو تعجب من شده قربهم من الجهل بالله. اذ كان قائدهم فى الطريق معاويه و مود بهم ابن النابغه:اى عمرو بن العاص و هو رئيسهم رئيس المنافقين و اهل الغدر و الخداع، و اذا كان الرئيس القائد و المودب فى تلك الطريق من الجهل و الفجور بحال الرجلين المشار اليهما فما اقرب اتباعهما من البعد عن الله و الجهل به. و اقرب:صيغه التعجب. و قائدهم معاويه:جمله اسميه محلها الجر صفه لقوم. و فصل بين الموصوف و الصفه بالجار و المج
رور كما فى قوله تعالى و ممن حولكم من الاعراب منافقون و من اهل المدينه مردوا على النفاق فمحل مردوا الرفع صفه المنافقون، و فصل بينهما بقوله:و من اهل المدينه، و الغرض من ذكرهم و وصفهم بما وصف التنفير عنهم.