و ان أحب المسافرة بأكثر من واحدة أقرع أيضا فقد روت عائشة ان النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا خرج أقرع بين نسائه فصارت القرعة لعائشة و حفصة رواه البخاري ، و متى سافر بأكثر من واحدة سوى بينهن كما يسوي بينهن في الحضر و لا يلزمه القضاء للحاضرات بعد قدومه ، و هذا معنى قول الخرقي فإذا قدم ابتدأ القسم بينهن و هذا قول أكثر أهل العلم و حكي عن داود انه يقضي لقول الله تعالى ( فلا تميلوا كل الميل ) و لنا أن عائشة لم تذكر قضأ في حديثها ، و لان هذه التي سافر بها يلحقها من مشقة السفر بازاء ما حصل لها من السكن ، و لا يحصل لها من السكن مثل ما يحصل في الحضر فلو قضى للحاضرات لكان قد مال على المسافرة كل الميل ، لكن ان سافر بإحداهن بغير قرعة اثم و قضى للبواقي بعد سفره و بهذا قال الشافعي و قال أبو حنيفة و مالك لا يقضي لان قسم الحضر ليس بمثل القسم السفر فيتعذر القضاء .و لنا أنه خص بعضهن بمدة على وجه تلحقه التهمة فيه فلزمه القضاء كما لو كان حاضرا .إذا ثبت هذا فينبغي أن لا يلزمه قضأ المدة و إنما يقضي منها ما أقام منها معها بمبيت و نحوه فأما زمان السير فلم يحصل لها منه إلا التعب و المشقة فلو جعل للحاضرة في مقابلة ذلك مبيتا عندها و استمتاعا بها لمال كل الميل .( فصل ) إذا خرجت القرعة لاحداهن لم يجب عليه السفر بها و له تركها و السفر وحده لان القرعة