( و الرواية الثانية ) أن الوعيد بمفرده اكراه .قال في رواية ابن منصور حد الاكراه إذا خاف القتل أو ضربا شديدا و هذا قول أكثر الفقهاء و به يقول أبو حنيفة و الشافعي لان الاكراه لا يكون الا بالوعيد فان الماضي من العقوبة لا يندفع بفعل ما أكره عليه و لا يخشى من وقوعه و انما أبيح له فعل المكره عليه دفعا لما يتوعده به من العقوبة فيما بعد و هو في الموضعين واحد ، و لانه متى توعده بالقتل و علم أنه يقتله فلم يبح له الفعل أفضي إلى قتله و إلقائه بيده إلى التهلكة و لا يفيد ثبوت الرخصة بالاكراه شيئا لانه إذا طلق في هذه الحال وقع طلاقه فيصل المكره إلى مراده و يقع الضرر بالمكره و ثبوت الاكراه في حق من نيل بشيء من العذاب لا ينفي ثبوته في حق غيره ، و قد روي عن عمر رضي الله عنه في الذي تدلي يشتار عسلا فوقفت إمرأته على الحبل و قالت طلقني ثلاثا و الا قطعته فذكرها الله و الاسلام فقالت لتفعلن أو لافعلن فطلقها ثلاثا فرده إليها رواه سعيد باسناده و هذا كان وعيدا ( فصل ) و من شرط الاكراه ثلاثة امور ( أحدهما ) ان يكون من قادر بسلطان أو تغلب كاللص و نحوه و حكي عن الشعبي ان اكرهه اللص لم يقع طلاقه و ان اكرهه السلطان وقع قال ابن عيينة لان اللص يقتله و عموم ما ذكرناه في دليل الاكراه يتناول الجميع و الذين أكرهوا عمارا لم يكونوا لصوصا و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم لعمار ( ان عادوا فعد و لانه اكراه فمنع وقوع الطلاق كإكراه اللصوص ( الثاني ) ان يغلب على ظنه نزول الوعيد به ان لم يجبه إلى ما طلبه ( و الثالث ) ان يكون مما يستضربه ضررا كثيرا كالقتل و الضرب الشديد و القيد و الحبس الطويلين ، فأما الشتم و السب فليس بإكراه رواية واحدة و كذلك أخذ المال اليسير ، فاما الضرر اليسير فان كان في حق من لا يبالى به فليس بإكراه و ان كان من ذوى المروءات